يُحمد لقناة وناسة أنها تعيدنا بين ذكرى وأخرى، وبين عامٍ والذي يليه، إلى ذائقتنا الفطرية الأولى، من خلال عرضها برامج عن "صوت الأرض"، وأخص برنامج رحلة مع فنان، الذي يشدّ القلوب والآذان بخيط متين، إلى صوت طلال مداح الأخاذ، منذ شارة البداية، حتى شارة النهاية.

طلال الذي نبحث عنه في قنواتنا الفضائية، فلا نكاد نجده، وكأن الغياب يحتم التغييب، وتلك قاعدة مقلوبة، لأن "طلال" الغائب، والمغيب عمداً أو جهلاً أو بلاهة عن فضائياتنا، حاضرٌ في القلوب والآذان والأرواح والذكريات، ولن يغيب عن الأفئدة، مهما غُيّب عن الشاشات الغنائية التي لم تعد قادرة على التمييز بين الملح الأجاج، والعذب الفرات.

"وناسة"، تستعيد "صوت الأرض" بدافع من العاطفة، فتكون في القمة العليا من الموضوعية والإنصاف، وهنا تكمن المفارقة؛ حين يكون الحب إنصافاً، والاندفاع العاطفي عدالة.

طلال مداح، الصوت النادر، ذو القرار المفعم بالدفء، صوت فوق كل ذائقة رديئة، وأعلى من كل الآذان التي ترى في الصخب طرباً، وفي النشاز تجديدا، وفي الصراخ غناء، ولذا بات حضوره الفضائي صعباً على ذائقة الذين لا يستطيعون استيعاب "صوت الأرض".

يقول محمد عبدالوهاب: "إن من أجمل الأصوات التي استمعت إليها في الوطن العربي هو صوت طلال مداح"، ويقول بليغ حمدي: "أجمل صوتين في التاريخ الحديث للأغنية العربية هما محمد عبد الوهاب وطلال مداح وعني أنا فأنا مذهول بهذا الصوت العظيم الذي لا يتكرر".. قالاها متجردين من العاطفة التي يُتهم بها محبو "صوت الأرض"، بيد أن شهادتيهما، وشهادات الكثيرين من ذوي المعرفة الفنية، غير مقنعة لأرباب القنوات، لأن حضور طلال مداح ـ على ما يبدو ـ لا يجعل المراهقين يحركون شريط "الشات" بشكل مربح.

نريد طلال على الدوام، نريده على شاشاتنا، وفي إذاعاتنا..

بالمناسبة؛ ما الذي يمنع إحدى المُشاهَدات أو المسموعات من تخصيص ساعة طلالية يومية؟

الإجابة صعبة..

لا، لا، أظن أن التنفيذ أكثر صعوبة.