توفي أول من أمس الناقد المصري فاروق عبدالقادر بعد 24 ساعة من فوزه بجائزة التفوق في الآداب وقدرها 100 ألف جنيه مصري (17600 دولار). عبدالقادر الذي رحل عن عمر ناهز 72 عاماً لم يعلم بأمر الجائزة نظراً لفقدانه الوعي منذ ثلاثة أشهر نتيجة مضاعفات جلطة في المخ، توفي على إثرها بمستشفى القوات المسلحة بالقاهرة. ولم يتزوج الناقد الراحل ولم يكن نادماً على هذا القرار ولا فخوراً به ولكنه كان يقول إن عدم تحمله مسؤولية زوجة وأبناء دفعه للإصرار على أن يظل محافظاً على استقلاله عن مؤسسات الدولة حيث لم يكن معيناً في مؤسسة صحفية ولم ينشر كتبه في هيئات وزارة الثقافة. وكان عبدالقادر من أنشط المتابعين لحركة الإبداع الأدبي والمسرحي في العالم العربي خلال 40 عاما، ونال جائزة سلطان العويس من الإمارات عام 1993 مناصفة مع الناقدة اللبنانية يمنى العيد وهي الجائزة الوحيدة قبل أن تذهب إليه الجائزة المصرية التي لم يدر بها. ولد الناقد الراحل بمحافظة بني سويف (جنوب القاهرة) عام 1938، والتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس وتخرج فيها عام 1958 متخصصاً في علم النفس، عمل  سكرتير تحرير لمجلة "المسرح" ثم مسؤولاً عن ملحق الأدب والفنون بمجلة "الطليعة" الصادرة عن مؤسسة الأهرام ، وفي الخمسينات انتقل الناقد الراحل إلى المملكة العربية السعودية حيث عمل بصحيفة "الندوة" ونشر فيها عدة مقالات عن الاتجاهات الجديدة في الفلسفة والأدب، ثم عمل فترة قصيرة بالهيئة العامة للاستعلامات، إلى جانب عمله بصحف أخرى منها "روز اليوسف" وكان له مقال أسبوعي بصحيفة "السفير" اللبنانية. وقد عرف عن الناقد الراحل حبه للاستقلال وعدم الخضوع لأي قيود واشتهر بمواقفه النضالية الشرسة من أجل الدفاع عن قضية ما وإيصال وجهة نظره، والتزم بمنهج نقدي مستقل خاص به وخاض معاركه النقدية في القصة والرواية والأدب عامة، فلم يتبن رأي مؤسسة ما أو يخضع لقوانينها وبقي أميناً لرؤيته ولم يساوم عليها. وقد ارتبط الراحل بالمسرح منذ صعود المسرح المصري في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم, مع ظهور شخصيات جديدة من كتاب المسرح وفنانيه, ونقاده مثل نعمان عاشور والفريد فرج وسعد الدين وهبة ويوسف إدريس وعبدالرحمن الشرقاوي، وبدأ اهتمامه بالمسرح باعتباره فناً جاداً يعيد العلاقة مرة أخرى بين الفن الجاد وجماهير الناس. أثرى الراحل المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والترجمات كان جلها في مجال المسرح فقدم "ازدهار وسقوط المسرح المصري" و"نافذة على مسرح الغرب" و"أوراق من الرماد والجمر" و"رؤى الواقع وهموم الثورة المحاصرة" و"من أوراق الرفض والقبول" و"نفق معتم ومصابيح قليلة" و"من أوراق الزمن الرخو" و"البحث عن اليقين المراوغ.. قراءة في قصص يوسف إدريس"، و"مساحة للضوء.. مساحات للظلال".

كما قدم ترجمات لأغلب أعمال المسرحي بيرتر بروك، الذي بادر بإعلان تنازله عن حقوق الترجمة لصالح عبدالقادر، حين عرف بمرضه، كما ترجم مسرحيات لتشيخوف "بلاتونوف، أو فضيحة في الريف" وتينسي وليامز "ليلة السحلية"، "فترة التوافق" أو آرثر أداموف "لعبة البينغ"، إلى جانب مؤلفات في المسرح ككتاب جيمس روز إيفانز "المسرح التجريبي من ستانسلافسكي إلى اليوم".