رغم التراجع النسبي لمستوى الدراما السورية في السنوات الأخيرة بسبب الأحداث التي تشهدها سورية، وهو ما ألقى ظلاله على مستوى الأعمال التي تقدم، إلا أن مسلسل "عناية مشددة"، يعدّ حالة مختلفة إلى حد كبير، بعد أن تمكن من التطرق بشكل ذكي إلى ما يمر به البلد والناس هناك، وهو ما أكسبه قبولا منذ البداية لدى المتابعين.

وقدم بطل العمل وهو عباس النوري دورا مميزا بأداء دور الموظف الموالي للحكومة، والمتسلق الوصولي، والمرتشي الذي يبرر كل ذلك لنفسه بطريقته الخاصة، فيما يعرج المسلسل على كشف واقع البلد، ومن مظاهره تفشي الفساد، وغياب الأمن، في تناول جريء لم نعهده مسبقا، خصوصا إذا علمنا أن المسلسل تم تصوير غالبية مشاهده في داخل سورية.

وحقيقة تمكن المخرج أحمد إبراهيم أحمد في هذا العمل من تقديم رؤية مختلفة، وبمنظور أكثر جدلية لواقع سورية دون تحميل المشكلة لطرف معين، ما يعزز قيمة العمل الدرامية.

العمل جاء بلغة مباشرة غالبا، مع عدم إغفاله لرمزية الأحداث، فلم يحاول تجميل المشوّه، بل ترك تقييم الوضع لعين المتابع، خصوصا أن السرد النصي كان مميزا، إذ جاء عبر الثنائي علي وجيه، ويامن الحجلي اللذين استطاعا إلى حد كبير شرح مشكلة المواطن السوري الذي يتابع ما يحدث في بلده بقلق ووجل، كما رصد المعاناة على الصعيد الاقتصادي، مما كوّن مظاهر جديدة في الشارع السوري.

ومن مزايا المسلسل أنه لم يشأ أن يكون رصدا لساحات الصراع، بل فضّل الغوص في انعكاس تلك الصراعات على معيشة الناس، ومدى التغير الذي أصابهم، ويصيبهم بمرور الوقت جراء الحرب.

"عناية مشددة"، يأتي أشبه بمنبه إلى حجم الأثر السلبي الذي تتركه الصراعات والحروب على الشعوب، والتي لا تنتهي بانتصار أي طرف، بل تكون غالبا بداية لحقبة جديدة من زمن بمعطيات لا يريدها أحد، ولكنها تشكل الواقع بكل بوائقه.