من حق الشعب السعودي أن يفخر بقيادته اسماً وفعلاً وعملاً، ومن حق المسلمين أن يفتخروا ويثقوا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومن حقي أنا ككاتب ومواطن أن أسجل اليوم وكل يوم، بعضا من الإنجازات العظيمة للحكم السعودي لتوسعة وتطوير الحرمين الشريفين، مستعرضاً تاريخ توسعات الحرم الشريف بعد وفاة نبينا ورسولنا محمد بن عبدالله -عليه أفضل الصلاة والسلام- حيث كانت أول توسعة في عام 17 للهجرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث تمت زيادة المسجد الحرام بحوالى (560م2) بعد أن أتى على المسجد سيل جارف عرف بسيل (أم نهشل) نسبة إلى سيدة بهذا الاسم ماتت في السيل وجرف السيل مقام إبراهيم عن موضعه الحالي ثم أعاده الخليفة عمر إلى مكانه، وقد شملت التوسعة نزع ملكيات البيوت المجاورة.

وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان كانت التوسعة الثانية عام (26 من الهجرة)، حيث أصبحت ساحة الحرم (4390م2) وكان حجم الزيادة حوالى (2040م2) وتمت إزالة العديد من البيوت المجاورة للحرم، وكان الخليفة عثمان أول من أدخل الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية للمسجد الحرام. وفي عام (60) من الهجرة كانت توسعة عبدالله بن الزبير وإعادة بناء الكعبة بعد أن شب بها حريق من حصار جيش يزيد بن معاوية لمكة المكرمة. وفي عام (91) من الهجرة كانت التوسعة الرابعة للمسجد الحرام في عهد الوليد بن عبدالملك بعد سيل جارف. وفي عام (137) إلى عام (140) من الهجرة كانت توسعة أبي جعفر المنصور الذي أمر بتوسعة الركن الشامي الذي كانت به دار الندوة وشيدت منارة بالركن الشمالي الغربي وقام بتبليط حجر إسماعيل بالرخام وأمر بتغطية بئر زمزم للحفاظ عليها بشبك يحميها.

وبين عام (268) إلى عام (284) قام المنتصر بالله ببعض أعمال الصيانة والتوسعات وتم بناء أروقة المسجد وبناء أبواب المسجد الاثني عشر من الداخل وثلاثة أبواب من الخارج، وفي عهد المقتدر بالله تمت إزالة منزلين للسيدة زبيدة وإضافتهما للمسجد سنة (306) وأقام بابا هو الأكبر، سمي باب إبراهيم عليه السلام.

أما التوسعات العملاقة التي لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي منذ أن بنيت الكعبة وأنشئ المسجد الحرام، كانت بإذن الله وبتوفيقه، في عهد الحكم السعودي منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله وطيب ثراه- فكانت أول صيانة فعلية للمسجد الحرام عام (1334)، وفي عام (1346) تم ترميم الأروقة وطلاء الجدران والأعمدة وإصلاح قبة زمزم ثم تركيب مظلات لوقاية المصلين من حرارة الشمس وتبليط المسعى بين الصفا والمروة. وفي عام (1345) تم تجديد مصابيح الإنارة في المسجد الحرام وزيادتها إلى ألف مصباح. وفي عام (1353) أدخلت الكهرباء إلى مكة المكرمة وتمت إضاءة المسجد الحرام وتم تركيب المراوح الهوائية. وفي عهد الملك سعود بن عبدالعزيز وأكمله من بعده الملك فيصل، رحمهما الله، بدأ مشروع توسعة الحرمين الشريفين عام (1325) وأتمت حوالى عشر سنوات وكان من أهمها توسعة المسعى وبناؤه ثلاثة أدوار وإنشاء بناية لسقاية زمزم وتوسعة الطواف بإزالة جميع المقامات حول الطواف وتم ترميم الكعبة واستبدال سقفها القديم. وفي عهد الملك فهد -رحمه الله- كانت إحدى أكبر التوسعات في تاريخ الحرم المكي الشريف منذ أربعة عشر قرنا، وذلك بداية من عام (1406) للهجرة، وشملت التوسعة إضافة جزء جديد من الحرم من الناحية الغربية واستغلال السطح العلوي للمسجد للصلاة بمساحة (61 ألف متر مربع) ووصلت الطاقة الاستيعابية للمسجد إلى مليون ونصف المليون مصل، وتم بناء مئذنتين جديدتين ليصبح عدد المآذن تسع مآذن، وتم تكييف الجزء الجديد من الحرم. أما التوسعة العملاقة والأكبر على مر العصور فهي توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحالية للحرم الشريف لتصل إلى مساحة توسعة (750,000)، وتشمل التوسعة ساحات الحرم، ابتداء بباب المروة وانتهاء بحارة الباب وجبل هندي بالشامية إلى طلعة الحفائر. وأهم توسعة داخل الحرم هي توسعة صحن المطاف وإزالة الرواق العثماني وزيادة أدوار الحرم لتصبح أربعة أدوار، ومستقبلاً زيادة دورين لتصبح ستة أدوار. حيث أمر خادم الحرمين الشريفين بتنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات في الوقت الذي طلب المقاول الرئيسي ستة أعوام نظراً لحجم المشروع وحساسية التعامل معه لكونه وسط الحرم وحول الكعبة، وكان هدف خادم الحرمين الشريفين هو تخفيف الضغظ والاختناق على المسلمين حول الكعبة وعند أدائهم طواف العمرة والحج، وتخفيف المعاناة على المسلمين الطائفين وذلك بتكييف وتظليل سطح الحرم وصحن المطاف بطريقة مبتكرة. ومن أهم توجيهات خادم الحرمين الشريفين مراعاة كبار السن وأصحاب الإعاقات وذوي الاحتياجات الخاصة، وسيتسع مشروع توسعة المطاف بعد اكتماله لـ(105) آلاف طائف في الساعة، وستنتهي المرحلة الأولى في شهر رمضان الحالي، إن شاء الله، وسيكتمل إنشاء توسعة المطاف للمرحلة الأخيرة عام 1436هـ وقد كان المطاف يتسع لقرابة أربعين ألف طائف في الساعة وفي مرحلة بناء المشروع سينخفض العدد إلى النصف وبعد نهاية المشروع سيصل إلى مائة وخمسة آلاف طائف في الساعة.

لقد لفت انتباهي وأنا أطوف طواف العمرة ليلة أول يوم من رمضان، حجم العمل العملاق الذي لن يتصوره أي مسلم إلا إذا عاش وسطه ورأى بأم عينيه كيف تم تنفيذ مسار الطواف الدائري الجديد حول الكعبة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وتخفيف معاناتهم وسط صحن الطواف. نعم لقد وعد الملك عبدالله وأوفى بوعده، ونفذ المقاول السعودي وعد الملك -حفظه الله- في ثلاث سنوات، ومن حقنا أن نفخر بشركة بن لادن السعودية العملاقة رائدة مشاريع الحرمين الشريفين منذ أول توسعة. إنها جهود جبارة تبذلها القيادة السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين وهذا يدفعنا جميعاً لدعمها ومساندتها والوقوف خلفها أمام من يريد بهذا الوطن وقيادته سوءا. وإذا كان هناك من كلمات شكر وتقدير واعتزاز نسجلها فهي للأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة الذي يتابع شخصياً تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين لتوسعة الحرم الشريف وتوسعة المطاف، وأشكر له حسن تنظيمه وتخطيطه لدخول وخروج المسلمين من وإلى الحرم الشريف.

ولو جاز لي الاقتراح، فإنني أقترح عدم السماح بدخول الحرم بعد انتهاء كل صلاة إلا بعد ساعة أو نصف ساعة من الانتهاء من الصلاة لتتاح الفرصة لخروج جموع المصلين من الحرم ثم يسمح لراغبي الدخول للمسجد، وذلك منعاً من المواجهة بين المسلمين في الخروج والدخول ومنعاً من التراكم داخل الحرم لأن له سعة معينة تصعب مضاعفتها.